محمد بك التامر في الإقامة الجبرية

محمد بك التامر

أصدر الفرنسيون عدة أحكام ضد محمد بك التامر؛ منها النفي والإعدام، لتخفف بعد ذلك إلى الإقامة الجبرية في صيدا، فكان ذلك. وبقي في الإقامة الجبرية بصيدا حتى توفته المنية على أثر مرض عضال في المستشفى بصيدا، مما لفت انتباه المراقبين أن محمد بك التامر كان له شأن كبير، ويمثل حالة خاصة عند الفرنسيين. إذ أنه عند قراره بإرسال ابنه رضا إلى باريس ليستكمل تعليمه في جامعة السوربون، كان من ضمن شروط الجامعة أنه على كل منتسب أن يجيد ثلاث لغات، وهنا بدا تساهل الفرنسيون معه. إذ أنهم عمدوا إلى اعتماد اللغة الفرنسية كلغة أساسية واعتبروا اللغة العربية لغتين، الفصحى والعامية.

أيضا عندما وصل محمد بك التامر إلى صيدا تنفيذا لحكم الإقامة الجبرية، اختار بنفسه المنزل الذي سيقضي به هذا الحكم ، وقد أرسل ولديه رضا ورياض إلى مدرسة الفرير، وكان الموسم الدراسي في منتصفه، وقد اكتمل عدد الطلاب، إلا ان الفرنسيين اضطروا لطرد طالبين؛ ليأخذ مكانهما ولديه رضا ورياض. ليعلل البعض ذلك بسبب العلاقة المميزة بين محمد بك التامر وأصحاب القرار آنذاك، والبعض الآخر ذهب في تحليله على أن تلك المعاملة الخاصة مفادها "أنه كان ماسونيا من الدرجة الرفيعة" .. والله أعلم .

إلا إنه مما فاتني ذكره بعد وفاة محمد بك التامر، وقد آلت دار تولين إلى ابنه رياض بك بحكم القسمة الودية بينه وبين أخيه رضا، أن أذكر ما حدث لفرس محمد بك التامر ونهاية مسيرتها والتي أخذها في الحجير من رجل القنطرة كما ذكرنا سابقا. فقصة هذه الفرسة واقعية وبعيدة كل البعد عن المبالغة، وإنه بعد وفاة محمد بك، بكته هذه الفرسة حتى أعماها الدمع، ورفضت أن يركبها أي فارس بعدما رحل فارسها المنشود، فأخبر المسئول عن الخيل رياض بك عن حالها. كان رياض بك يتجنب رؤيتها كي لا توقظ حزنه على والده، فيضعف أمام رجاله إذا خانه الدمع .. فأمر بأخذها إلى وادي الحجير مكان التقائها بمحمد بك وركوبها للمرة الأولى، وهناك بادروها برصاصة الرحمة التي أنهت اشتياقها إلى فارسها.

.... البقية تتبع

الصفحة السابقة : محمد التامر في الأرشيف الفرنسي



بقلم: عبدالله زيدان - تحقيق ومراجعة: ماجد حسين التامر