محمد التامر في الأرشيف الفرنسي
كشفت تقارير الأرشيف الفرنسي كما أوردها الدكتور محمد بسام في كتابه "جبل عامل بين سوريا الكبرى ولبنان الكبير 1918/1920م "، ان محمد التامر " بك تولين " لعب دورا مهما في مقاومة المحتل الفرنسي حتى حكم عليه بالنفي ومصادرة ممتلكاته كاملة. كما ذكرت التقارير انه في ضبابية الأجواء الدولية وغمرة الاحتدام الفرنسي العربي، بدا قصور السياسة العاملية وارتباكها؛ فآثر كامل بك الأسعد " التريث والتذبذب" حفظا للزعامة كيفا تؤول الأمور. فامتنع كامل بك عن التواصل المباشر مع الفرنسيين لكنه أوفد صهره محمد بك التامر باسمه شخصيا إلى الحاكم الفرنسي في صيدا ( القومندان شاربتنيه) ليؤكد له المودة والصداقة. في الوقت نفسه سكت عمن كانوا يعتبرون "صحبه" أو جماعته أو بطانته من أمثال البكوات محمد التامر وحسين درويش في تعاملهم مع الفرنسيين وتماديهم في ترويع حركة الإلحاق بلبنان الكبير والحياة الفرنسية. فذهب الأسعد إلى التبرؤ من مسئوليته عن هؤلاء بقوله :" لم استطع إقناع الكثيرين بأن خروج محمد التامر عن رأيي لعجزي عنه ولعدم استطاعتي رده عن التواء مسلكه ".
ولعل الأمر يزداد قوة عندما يأخذ محمد بك التامر على الأسعد سياسة التذبذب ويعرب عن خشيته الشخصية منه بقوله :"والرجل لا آمنه على واعتقده عدوي الوحيد ". ويعلل تقربه وحسين درويش من الفرنسيين بالاستياء من السياسة العربية العاملة على اعتبار كامل الأسعد هو الكل بالكل.
وأكدت التقارير الفرنسية ان "الوجهاء العامليون لا يجرؤون على تجاوز كامل الأسعد في كثير من المواقف ... غير ان سلطته ضربت بشدة بدأ حزبه يتضاءل. فكان لا ينظر بعين الرضا إلى بعض وجهاء الشيعة الذين اخذوا لأنفسهم مواقف مستقلة عنه من دون موافقته، أمثال بيك تولين (محمد التامر) من آل علي الصغير وحسين الصعبي (بيك زفتا) اللذان لم يخشيا مع عشائرهم من حزب كامل بك ومن للسير في ركاب السياسة الفرنسية رغم التهديدات ".
كان من السياسة البراغماتية الحديثة لدى الفرنسيين انهم رأوا ان محمد التامر يتمتع بذكاء قوي وفعالية مؤثرة، وهو مؤهل لتعيينه قائمقاما مدنيا في احد الاقضية. وبالفعل تم تعيينه في 1919 قائمقام لقضاء مرجعيون ولكنه ما لبث ان انقلب عليهم مع التطورات العاملية اللاحقة. فتم عزله في آذار 1920 بعيد إعلان الملكية في دمشق، وحكم عليه وآخرين بالإعدام بعد أحداث عين إبل في أيار 1920. عندها تلمس محمد بك التامر مبادئ السياسة البراغماتية فعمد مع عبداللطيف الأسعد، الذي حكم ايضا مع أخيه كامل الأسعد بالنفي ومصادرة الأملاك، إلى الانضمام إلى الثوار العامليين في مقاومة الفرنسيين .
الصفحة التالية : محمد بك التامر في الإقامة الجبرية