رضا بك التامر

رضا التامر و رياض التامر
الصف الاول: أبو شوقي الاسعد، رضا التامر، احمد بك الاسعد
الصف الثاني: احمد ناصيف الاسعد، رياض التامر، حسن الاسعد

رضا بك التامر هو الابن الأكبر لمحمد بك التامر، وشكل مع أخيه رياض بك ثنائيا مهما لفت أنظار القاصي والداني. فأصبحا متلازمين ومتقاربين في الاسم وفي الواقع ، فلا يمكن ان يذكر رضا إلا ويصحبه ذكر رياض، والعكس صحيح .. فرضا بك التامر ليس بالشخصية العادية؛ فهو وإن كان سليل عائلة صاحبة مجد لا يدانيه مجد في لبنان، إلا انه أضاف لنفسه إرثا عظيما اكتسبه بنفسه بعدما أصر والده محمد بك التامري على استكماله لتعليمه. فأرسل به إلى فرنسا لينال شهادة الحقوق من جامعة السوربون، وكان ذلك بعد مشاورة بين الأخوين رضا بك ورياض بك في أيهما يذهب إلى فرنسا، وأيهما يبقى مع والده محمد بك التامر في لبنان، واتفق الأخوان على أن يذهب رضا إلى فرنسا ويبقى رياض مع أبيه.

عاد رضا بك من فرنسا حاملا شهادة الحقوق وبصحبته زوجته الفرنسية لتتحقق نبوءة والده محمد بك التامري الذي قال: "إن ابنه سيحلق شاربه ويعود بزوجة فرنسية ويتخذ النمط الفرنسي أسلوبا له ".

بعد عودته من فرنسا شق رضا بك طريقه في سلك القضاء اللبناني ليكون من أبرز رجالاته بعدما عين سنة 1934 قاضيا بمحكمة بيروت البدائية المختلطة. استمر رضا بك في سلك القضاء نحو ربع قرن حتى رقي إلى درجة مستشار من الدرجة الأولى في محكمة التمييز، ثم عين محاميا عاما لدى المحكمة نفسها ليعين بعدها عضوا في المجلس العدلي وأخيرا أعيد مفوضا للحكومة لدى مجلس الشورى .

تميز رضا بك بحسن المظهر والهيئة وحمل من الملامح الأوروبية الكثير في الشكل والتصرفات بحكم دراسته هناك وزواجه من سيدة فرنسية مرموقة. كما انه أتقن اللغة الفرنسية بروحها الباريسية، وهو ما اكسبه لباقة في التعامل وذكاء في التعاطي مع الآخرين. فأقبل رضا بك على خدمة أهله في الجنوب واللبنانيين عامة بحب وعشق دون كلل أو ملل، خاصة أن إقامته في العاصمة بيروت جعلته قريبا من دوائر صنع القرار ، بل كان مشاركا في قرارات عدة. استفاد ايضا من إقامة شقيقه رياض بك في الجنوب، فاستمد منه العون والدعم الكبير في تحقيق غاياته وأهدافه التي اتفق الشقيقان عليها وعملا معا في الوصول إليها. فكان لكل من الشقيقين رياض بك ورضا بك دوره الذي يعجز عن أدائه الشقيق الآخر.

إضافة إلى مكانته في الشأن القضائي، فإن رضا بك التامر كلف بمهام جسام خارج نطاق القضاء، أداها ببراعة وإتقان نالت استحسان اللبنانيين جميعا، وزادت من مكانته تألقا، فقد كان عضوا في المصلحة الوطنية لنهر الليطاني وانتدب لدرس مشاركة المغتربين اللبنانيين في تمويل المشروع، وأسس بيت المغترب اللبناني. كما رشح للوزارة في عهد الفرد نقاش سنة 1942 في حكومة سامي الصلح. كان لرضا بك شارع باسمه في مكان سكنه في زقاق البلاط اسمه شارع رضا بك. وفي سنة ١٩٥٧ غادر رضا بك سلك القضاء وانصرف إلى مزاولة المحاماة، فكان له مكتب كبير حتى وفاته. خلال مراسم تشييع رضا بك، صرح رئيس مجلس النواب الاسبق دولة الرئيس عادل بك عسيران، والذي كان وزيرا للداخلية حينها وكان موفدا من القصر الرئاسي لحضور مراسم الدفن، أن رضا بك التامر حاز من الدولة على معظم الأوسمة، مما مثل مشكلة في القصر في البحث عن وسام يمنح له، فلم يكن في النهاية أمام القصر إلا منحه وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر.

بذلك يكون رضا بك التامر هو أول عاملي شيعي يسافر إلى باريس ويحصل من جامعتها على شهادة عالية. ويكون أيضا أول المنتظمين من شيعة جبل عامل في سلك القضاء اللبناني، وتكون زوجته الفرنسية أول امرأة أجنبية تترافع أمام المحكمة العسكرية اللبنانية وأول أجنبية تعمل بالقضاء اللبناني. وليتفرد أيضا رضا بك التامر بميزة أخرى، وهي أنه تحلل من صرامة وصورة السياسي النمطي في عالمنا العربي عند كتابة الذكريات والمذكرات الخاصة به. فباح لنا رضا بك التامر بأسراره الشخصية في ذكرياته على غير عادة الساسة الذين يكونون عامة في حالة من الإبهام والغموض والتحفظ على بعض جوانب من حياتهم.

اتفقت جميع العائلات اللبنانية بل وجميع طوائف المجتمع من شيعة وسنة ومسيحيين ودروز على أن رضا بك التامري كان من ابرز شخصيات الجيل الذي عاش فيه .

هذه المكانة المجتمعية المرموقة التي حققها رضا بك التامر سبقتها شخصية تمتلك الاستعداد لتحقق ذلك، بعدما نشأ في أسرة وعائلة حكمت جبل عامل سنوات وسنوات، وقاومت المحتلين صنوفا وأنواعا. وكان رضا التامر من هؤلاء الاشخاص المقاومين، بعدما لازم أباه حينها ورافق أخاه رياض بك التامر طويلا. كما شارك ابن عمته أدهم بك خنجر في بعض ثوراته وجولاته.



بقلم: عبدالله زيدان - تحقيق ومراجعة: ماجد حسين التامر