علاقة رياض بك التامر مع أحمد بك الأسعد

الرئيس احمد الاسعد

كانت علاقة رياض بك التامر مميزة بأهل الجنوب، وكانت هناك توأمة روحية بينه وبين ابن خاله أحمد بن عبداللطيف بك الأسعد. كانت الأريحية هي القاسم المشترك بينهما، والتي تمسكا بها معا حتى صار كل منهما شبيها للآخر. بالرغم من أن أحمد بك الأسعد كان لاحقا هو السبب في إحراق دار رياض بك التامر في تولين واستيلائه على الخيول ومنها فرس رياض بك الخاص به، وكذلك إحراق مزرعة أخيه رضا بك، وذلك باسم المقاومة الشعبية .. ورغم كل ذلك يظل احمد بك الأسعد هو الرفيق الأوحد لرياض بك، وصديقه المقرب والشبيه به في الشكل والصفات وتربطهما المحبة الكبيرة وصلة القرابة القوية.

يمكن تفسير خلافهما بان رياض بك واحمد بك الأسعد أرادا أن يجربا كل شيء في علاقتهما ببعض. فالقرابة القوية يعرفان حدودها، والصداقة القوية كانا متميزان فيها ويعرفان واجباتها، فأرادا ايضا أن يكونا متميزين كذلك في خصامهما، ففعلا ذلك مع وجود المحبة الصادقة بينهما، فهما لا يعرفان الكره ولا الحقد لبعضهما.

كانت لرياض بك ايضا مواقف تشابه ما فعله أحمد بك الأسعد، فقد قام رياض بك وشقيقه رضا بك بالسكن في منزل احمد بك الأسعد ومنعوه من الإقامة في الطيبة طوال فترة حكم الرئيس كميل شمعون. كما قام رياض بك على رأس فرقة من الجيش اللبناني(والذي كان الجنرال قائد الجيش في المنطقة صديقا له) بالتوجه الى مشارف الطيب، حيث طلب رياض بك من أن يرمي القذائف حول دار الطيبة دون إصابته، حتى لا يسجل عليه التاريخ ولو لمرة واحدة انه أساء إلى دار خاله " دار الزعامة" .

خلال هذه الفترة، كانت المناوشات بين رياض بك واحمد بك الاسعد مستمرة دون أذى. فرياض بك واحمد بك لم يكن بينهما أي خلاف، وان كان هناك خلاف فكان مصدرا للفكاهة بينهما فيما بعد. فاحمد بك هو من الشخصيات المميزة في لبنان، الذي لن يتكرر مثله مهما مرت الأيام والسنين، وهو ما كان يقدره ويعترف به كل اللبنانيين بشكل عام والجنوبيين على نحو خاص .

ومن المناوشات الطريفة بين رياض بك واحمد بك الأسعد ان قام اكثر من ثلاثين رجلا، مسلحين بعصيهم، من رجال احمد بك بإحاطة بأحد رجال رياض بك، وكان رجلا قوي البنية، ضخم الجسد ولم يكن يحمل معه سلاحا إلا العصا، فبدأهم بالضرب. إلا إنهم تكالبوا عليه وأحاطوا به من كل جانب، فكانت كل ضربة يضربها لهم يتلقى مقابلها أكثر من خمسين ضربة. ولكنه صمد رغم شدة الضربات وكثرتها ولم يسقط أبدا، حتى علم بقية رجال رياض بك بأمر هذه المعركة، فسارعوا إلى رفيقهم لينقذوه. فدارت معركة قوية بين رجال رياض بك ورجال احمد بك استخدمت فيها العصي والطوب والحجارة، حتى أن السماء اختفت من كثرة الحجارة المتطايرة بين الطرفين، فهرب رجال احمد بك وعاد رجال رياض بك منتصرين.

أراد رياض بك أن يرد على هذه الحادثة، فجمع رجاله ذات يوم وسألهم إن كان احدا منهم يستطيع أن يتسلل إلى بيت احمد بك الأسعد، ويغرس خنجرا في الوسادة أو المخدة التي ينام عليها، فأبدى احد رجاله المقدرة على فعل ذلك. فحملته سيارة إلى قرب منزل احمد بك، وتسلق الجدار إلى السطح، ومنه نزل إلى غرفة نوم احمد بك فوجده نائما. فقام بغرس الخنجر على الوسادة بينه وبين السيدة زوجته أم كامل بك الأسعد، ولما استيقظا طلبت منه زوجته أن يذهب فورا إلى رئيس الجمهورية ويشكو رياض بك عنده بأنه يهدد حياتهما من خلال رجاله الذين يطيعون أوامره.

قام القصر الرئاسي باستدعاء رياض بك، ولكن قبل أن يسأله الرئيس عن سبب فعله لهذا الأمر، سارع رياض بك بالتحدث وأخبر الرئيس:"إنه يريد مساحة كي يتنفس، وأن بيت الأسعد ضيقوا عليه الخناق". فوعده رئيس الجمهورية بان الوضع والحال سيتغيران .. عندها غادر رياض بك القصر الرئاسي راضيا.

** ومن المهم التنويه بأننا سنتحدث وسنذكر جانبا كبيرا من طرائف رياض بك في الكتاب الذي نحن بصدد الانتهاء منه وإعداده للنشر في القريب العاجل .



بقلم: عبدالله زيدان - تحقيق ومراجعة: ماجد حسين التامر